کد مطلب:220116 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:154

دولتا النهار و اللیل
قال الصادق علیه السلام: فكر یا مفضل فی طلوع الشمس و غروبها لاقامة دولتی النهار و اللیل، فلولا طلوعها لبطل أمر العالم كله فلم یكن الناس یسعون فی معایشهم، و یتصرفون فی أمورهم، والدنیا مظلمة عیلهم ولم یكونوا یتهنؤون بالعیش مع فقدهم لذة النور و روحه، والارب فی طلوعها ظاهر مستغن بظهوره عن الاطناب فی ذكره. بل تأمل المنفعة فی غروبها فلولا غروبها لم یكن للناس هدوء و لا قرار مع عظم حاجتهم الی الهدوء والراحة، لسكون أبدانهم، و جموم حواسهم، و انبعاث القوة الهاضمة لهضم الطعام و تنفیذ الغذاء الی الأعضاء، ثم كان الحرص سیحملهم من مداومة العمل و مطاولته علی ما یعظم نكایته فی أبدانهم، فان كثیرا من الناس لولا جثوم هذا الیل لظلمته علیهم لم یكن لهم هدوء و لا قرار، حرصا علی الكسب والجمع والادخار، ثم كانت الأرض تستحمی بدوام الشمس بضیائها و تحمی كل ما علیها من حیوان و نبات، فقدرها الله بحكمته و تدبیره تطلع وقتا و تغرب وقتا، بمنزل سراج یرفع لأهل البیت تارة لیقضوا حوائجهم، ثم یغیب عنهم مثل ذلك لیهدؤوا و یقروا، فصار النور والظلمة مع تضادهما منقادین متظاهرین علی ما فیه صلاح العالم و قوامه.



[ صفحه 729]



ثم فكر بعد هذا فی ارتفاع الشمس، و انحطاطها لاقامة هذه الأزمنة الأربعة من السنة و ما فی ذلك من التدبیر والمصلحة، ففی الشتاء تعود الحرارة فی الشجر والنبات، فیتولد فیهما مواد الثمار، و یستكثف الهواء، فینشأ منه السحاب والمطر و تشتد أبدان الحیوان و تقوی. و فی الربیع تتحرك و تظهر المواد المتولدة فی الشتاء. فیطلع النبات، و تنور الأشجار، ویهیج الحیوان للسفاد، وفی الصیف یحتدم الهواء، فتنضج الثمار، و تتحلل فضول الأبدان، و یجف وجه الأرض فتهیأ للبناء والأعمال. وفی الخریف یصفو الهواء، و یرتفع الأمراض، و تصح الأبدان و یمتد اللیل، و یمكن فیه بعض الأعمال لطوله، و یطیب الهواء فیه الی مصالح أخری لو تقصیت لذكرها لطال فیها الكلام [1] .

و نقل قدس سره عن أمیرالمؤمنین قائلا: قال أمیرالمؤمنین: ان للشمس ثلاثمائة وستین برجا، كل برج منها مثل جزیرة من جزائر العرب، فتنزل كل یوم علی برج منها فاذا غابت انتهت الی حد بطنان العرش، فلم تزل ساجدة الی الغد، ثم ترد الی موضع مطلعها و معها ملكان یهتقان معها، و ان وجهها لأهل السماء وقفاها لأهل الأرض، ولو كان وجهها لأهل الأرض لأحرقت الأرض [2] و من علیها من شدة حرها، ومعنی سجودها ما قال سبحانه و تعالی: (ألم تر أن الله یسجد له من فی السموات و من فی الأرض والشمس والقمر النجوم والجبال والشجر والدواب و كثیر من الناس) [3] - [4] .



[ صفحه 730]




[1] بحارالأنوار: 55 / 176 - 175.

[2] لاحترقت.

[3] سورة الحج، الآية: 18.

[4] بحارالأنوار: 55 / 142 - 141 عن روضة الكافي: 157.